التحذيرات من فيروس كورونا وجدية خطورته ازدادت في الأيام الأخيرة. الصوت ارتفع من وزير الصحة ونقيب المستشفيات ومدير مستشفى الحريري الحكومي وغيرهم الكثير، فالفيروس المستجد خرج عن السيطرة، ومخاطره لا تقتصر على فئات عمرية محددة، حيث أشير في بداية ظهوره إلى مهاجمته بشراسة كبار العمر والمصابين بأمراض مزمنة، ليَظهر بعدها أنه قادر على "الانتصار" في معركته على الشبان، منهم ابن الثلاثين عاماً عثمان عبد الهادي عثمان، من بلدة بيت الفقس ـ الضنية، الذي فارق الحياة بعد أن غلبه كورونا. قبل أن يصاب عثمان (أستاذ مهني) بالفيروس المستجد، لم يكن يعاني من أي مرض. وبحسب ما قالته ابنة عمته فاطمة عبد الله لـ"النهار": "غبّة ماء من قارورة صديقه المصاب بالفيروس نقلت العدوى إليه، لتبدأ رحلة معاناته القصيرة التي انتهت بفاجعة كبيرة". وشرحت: "كان في محل الحلاقة عند صديقه، أراد أن يشرب من عبوة الماء، حاول الأخير منعه نظراً لانتشار فيروس كورونا، إلا أنه لم يأبه، ليسافر بعدها إلى تركيا وتظهر عوارض المرض عليه، ظن بداية أنه يعاني من الانفلونزا، لكن الوجع ازداد عن حده، اتصل بعمه الطبيب، فطلب منه التوجه إلى المستشفى أو العودة على الفور إلى لبنان، لا بل أطلعه أنه على استعداد أن يسافر فوراً للوقوف إلى جانبه ومتابعة حالته". رحيل وحيد والديه اتخذ عثمان قراره وعاد إلى لبنان، ومنذ وصوله اتصل بخلية الأزمة التي أمّنت له سريراً في مستشفى طرابلس الحكومي، وأشارت فاطمة إلى أن "صحته بدأت تتدهور، وخلال أسبوع فارق الحياة". أضافت: "صدمنا كثيراً لا سيما وأنه لا يعاني من أي مرض، وقد زرته عدة مرات في المستشفى بحكم عملي في مجال تصوير الأشعة، كما كان يتواصل مع عائلته عبر الفيديو كول، إلا أن نفسيته تعبت، وكأنه كان يشعر بقرب الرحيل، وبعد أن أصابته جلطة في رئته دخل في غيبوبة ليلفظ بعدها آخر أنفاسه يوم السبت الماضي". انتصر الفيروس المستجد على وحيد والديه على ثلاث فتيات، وقالت فاطمة: "حُرموا من رؤيته عن قرب حين وصل إلى لبنان قادماً من تركيا، كذلك وهو في المستشفى يتلقى العلاج، وهذا ما زاد من معاناتهم كثيراً، وقد أثبت بموته أن مخاطر كورونا لا حدود لها ويجب أخذ الإجراءات الوقائية وعدم الاستهتار، فالأمر ليس مزحة بل إن أرواح الناس مهددة بالفعل". "أرقام خلفُها أهل وأصحاب" واليوم، أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور حمد حسن أنه "عممنا على المستشفيات ضرورة رفع جهوزيتها وضرورة مواكبة عملية مكافحة وباء الكورونا مما يتطلب تعاطياً جدياً وبناءً من حاكمية مصرف لبنان"، وأضاف: "قرار الاقفال العام جريء ويستوجب تعاطياً جدياً من كل الأطراف، وبحثنا في الاقتراحات التي يمكن أن تدرج في هذا السياق للحؤول دون الذهاب إلى وضع كارثي". كما غرّد مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي عبر تويتر قائلاً: "يتسارع العداد. تخطت حالات الكورونا عتبة الألفين حالة خلال ٢٤ ساعة الماضية. تتأخر الوفيات الناتجة عن هذه الاصابات مدة ٣-٤ أسابيع، وتؤدي إصابة واحدة من كل ١٢٥ إصابة في Flag of Lebanon إلى الوفاة. يرتفع الرقم إلى واحد من كل عشر إصابات عند المتقدمين في السن. أرقام، لكن خلفها يكمن أهل وأصحاب."
المصدر: اسرار شبارو / النهار